تطوير معايير عالمية لقياس وتقييم أنشطة العلاقات العامة كان ولا يزال هو الشغل الشاغل للكثير من الباحثين والمتخصصين في مجال الإعلام والاتصال، وأصبح الأمر أكثر أهمية في ظل ظهور شبكات ووسائل الإعلام الاجتماعية وتزايد الاعتماد عليها في إدارة حملات الدعاية والإعلان والترويج لمختلف المشروعات ومجالات الاقتصاد
ويمثل مؤتمر القمة الأوروبي الثالث لقياس وتقييم الاتصال الذي أقيم بالعاصمة البرتغالية لشبونة في 8 من يونيو الماضي، حلقة جديدة ومهمة من حلقات بحث ودراسة المشكلات المتعلقة بعمليات قياس وتقييم أنشطة الاتصال بشكل عام والعلاقات العامة على وجه الخصوص
ولمعرفة مدى أهمية انعقاد هذه الدورة من المؤتمر، دعونا نرصد أبرز ملامحه
أولا: جاء ليتوسط مجموعة من الأحداث الهامة المتعلقة بالقياس والتقييم منها مؤتمر القمة الأوروبية الثاني للقياس والتقييم الذي أقيم بمدينة برشلونة الاسبانية في 17 يونيو الماضي ثم يأتي ليضع حجر أساس مؤتمر القمة المقبل في باريس
ثانيا: قامت الجمعية الدولية لقياس وتقييم الاتصال، ومعهد العلاقات العامة بتنظيم القمة. وشاركت جمعية العلاقات العامة الأمريكية في صياغة المبادئ التي تمخض عنها المؤتمر وتم إقرارها كأولويات لتطوير ممارسة مهنة العلاقات العامة ككل
ثالثا: قام ما يقرب من 200 مندوب بوضع جدول أعمال أنشطة القياس والتقييم حتى عام 2020، واتخاذ سلسلة من الخطوات العملية للبناء على نتائج القمة التي جرت العام الماضي في مدينة برشلونة الاسبانية
رابعا: شارك في أعمال المؤتمر باحثين أكاديميين ومتخصصين في مجال القياس والتقييم، ووكالات متخصصة في مجال العلاقات العامة والدعاية والإعلان، وذلك بالإضافة إلى عملاء من 33 بلد تجمعوا لرسم مسار مستقبل بحوث العلاقات العامة، والقياس، والتقييم
إعلان برشلونة
تمخض مؤتمر القمة الأوروبية الثاني للقياس والتقييم الذي أقيم بمدينة برشلونة الاسبانية في 17 يونيو الماضي عن إعلان مبادئ تم تسميته ب”إعلان برشلونة”. يقدم إعلان برشلونة تلخيصا للمبادئ التي ينبغي توافرها عند القيام بتحليل وتقييم وقياس العائد من أنشطة العلاقات العامة وهى
تحديد الأهداف قبل الشروع في عملية القياس-
قياس عمليات النشر في وسائل الإعلام ينبغي أن يتم بالاعتماد على معايير كمية ونوعية تتعلق بطبيعة الوسيلة الإعلامية نفسه-
تحديد مدى التغيير الذي يطرأ على الجمهور ومجالات الأعمال كنتيجة مباشرة لأنشطة العلاقات العامة-
إن وسائل الإعلام الاجتماعية تشبه أي وسيلة إعلامية أخرى-
ينبغي أن تكون كافة معايير وأدوات القياس بنفس القدر من الشفافية-
“مبادئ لشبونة الأربعة”
وعلى الرغم من أن “مبادئ لشبونة الأربعة” تتشابه إلى حد كبير مع تلك الواردة في “إعلان برشلونة” إلا أنها تمثل خلاصة القواعد والمبادئ التي يمكن أن يبنى عليها أسلوب قياس موحد وعالمي لأنشطة العلاقات العامة عبر وسائل الإعلام الاجتماعية
كما أنها تعبر عن نقاط محورية اتفقت وفود الدول المشاركة على أنها تتصدر أولويات اهتماماتهم وهى
تحديد الأدوات والمعايير التي يمكن من خلالها قياس العائد على الاستثمار في مجال العلاقات العامة-
خلق وتبنى معايير عالمية موحدة للقياس وتطبيقها على وسائل الإعلام الاجتما-
يحتاج قياس حملات وبرامج العلاقات العامة لأن يكون جزءا لا يتجزأ من أدوات ممارسة العلاقات العامة-
الحاجة إلى خلق برنامج تدريبي يستطيع العميل من خلاله قياس مخرجات ونتائج وتأثيرات برامج العلاقات- العامة على ممارسة الأعمال
ومن هنا، يتضح أن “مبادئ لشبونة الأربعة” تعتبر التطور الطبيعي لما نص عليه إعلان برشلونة، ولكن على نطاق أكثر توسعا وشمولا حيث تركز على
أن ممارسة العلاقات العامة وأنشطتها تعتبر معيبة وناقصة إذا لم يتم قياس عائداتها وتأثيرها على قطاعات الأعمال لأنها تصبح في هذه الحالة نموذجا صارخا لإهدار الموارد المؤسسية وخاصة المالية منها
إن تبنى نموذج موحد لقياس عمليات النشر وأنشطة العلاقات العامة عبر وسائل الإعلام الاجتماعية – باعتبارها وسيلة– إعلامية تشبه أي وسيلة أخرى- يساعد المتخصصين في مجال العلاقات العامة على فهم طبيعة هذه الوسيلة الإعلامية، وبالتالي تطوير نظريات ومناهج أكثر فعالية وإمكانية قياس العائد من استخدامها بشكل دقيق
إن خلق نظام تعليم وبرامج توعية يستطيع العملاء من خلالها قياس تأثير أنشطة العلاقات العامة على عائدات شركاتهم يتيح قدرا أكبر من الشفافية عند التعامل مع وكالات العلاقات العامة والدعاية والإعلان، وتصحيح مسار الحملات الدعائية إذا اقتضى الأمر ذلك. ويعد ذلك تطورا هائلا في ممارسة العلاقات العامة حيث كانت أخلاقيات الممارسة تركز على تعليم الخبراء والمتخصصين فقط، وهو ما كان يخلق مشاكل تتعلق بالنزاهة والشفافية مع العملاء
تساعد هذه الأدوات ممارسي العلاقات العام على تحديد العائد من جهودهم قبل البدء في تنفيذها بدلا من استخدام نظريات ومناهج قد يصعب أو يستحيل تطبيقها في بعض الحالات لأسباب تتعلق بشرائح الجمهور المستهدف أو طبيعة الوسيلة الإعلامية نفسها
5- تجاهل إعلان برشلونة -ومن بعده مبادئ لشبونة الأربعة- عملية قياس أنشطة العلاقات العامة بناءا على تكلفة المساحات المدفوعة لبث ونشر الإعلان والمواد الإخبارية ومعدلات تكرارها حيث توقع العديد من المشاركين في المؤتمر أن هذا التقليد سيتلاشى من الممارسة في مدة زمنية تتراوح من 5 إلى 10سنوات. ولكنه ركز بدلا من ذلك على تحليل مضمون ومحتوى الرسالة الإعلامية بدلا من ذلك، وتأثير هذا المضمون على استجابة الجمهور المستهدف، وبالتالي زيادة العائد على الاستثمار فى هذا الصدد
وأخيرا، أستطيع أن أقول أن “إعلان برشلونة” و”مبادئ لشبونة الأربعة” ستمهد الطريق لأحداث ثورة شاملة في عملية قياس وتقييم أنشطة العلاقات العامة وغيرها من الأدوات بحلول عام 2020 لتصبح أكثر وضوحا وشفافية وأكثر قدرة على التحكم في آليات الاستثمار والأنشطة التجارية بشكل عام