في الوقت الذي تقوم فيه معظم الشركات بإدارة مبادرات رقمية على مستويات مختلفة من حيث الحجم والنضوج، فإنها لن تنجح جميعاً. وترى مؤسسة “ايفريست” للأبحاث أن أكثر من 40% من الشركات تواجه عوائق في سبيل تطوير وجنى ثمار مبادراتها الرقمية، وحوالي الثلث تقريبا هم الذين استطاعوا التحرك بعيدا عن هذه التحديات ويديرون برامج رقمية ناجحة بشكل كامل، مع استحقاقهم للمنافع المناسبة للمشاريع التجارية
المنحدر الرقمي هي ظاهرة توقف المبادرات الرقمية بعد نجاح مبكر عند بداية اطلاقها. وتشير دراسة تم اجرائها على 200 شركة على مستوى العالم إلى أن المنحدر الرقمي يحدث نتيجة لواحد أو أكثر من العوامل التالية
استخدام منهجيات تكنولوجيا معلومات تقليدية للمشروعات الرقمية: المشروعات التي تقوم على “الفرقعة” تكون أكثر عرضة للفشل، لذلك فعلى الشركات أن تقوم باختبار الحلول التي تجعلها أكثر قابلة للتطبيق مع الجمهور المستهدف بأسلوب مرن
نقص الوضوح بشأن الأهداف الاستراتيجية للمبادرات الرقمية: معظم المؤسسات التي تعاني المنحدر الرقمي تمتلك العديد من الأهداف والتي غالباً ما تكون متعارضة على مستوى كل مشروع
عدم القدرة على اشراك نطاق أوسع من الأطراف المعنية: عدم القدرة على التواصل بشكل هادف مع شريحة أكبر من الأطراف المعنية خلال مرحلة تطوير هذه المبادرات يمكن أن يؤدى إلى نقص المعرفة، وضعف تبنى المبادرات
تعريف العمليات من الداخل للخارج: لا تسمح العمليات التجارية المعرفة تقليديا بأن يراها المستخدمين من الخارج. وعدم القدرة على تقسيم العمليات الى أجزاء يثير مخاطر المنحدر الرقمي بشكل لا يمكن تلافي
فقدان القدرة على إدارة التغيير: التفكير في المشروعات الرقمية باعتبارها وحدات منعزلة أكثر من كونها عملية تغيير متواصلة تؤدي إلى جعلها ذات تأثير فرعي. وفي النهاية تندثر هذه المبادرات بمرور الوقت حيث تضيع الاثارة التي ارتبطت بإطلاقها في البداية نظراً لغياب المتابعة الدقيقة
المعول الأول: كن مرناً
لا يدرك الكثيرون مدى عمق تأثير عدم التعامل مع هذا الوضع باعتباره نظام عقلي وليس مجرد عملية تطوير للتطبيقات. أن المبادرات التكنولوجية التقليدية، إذا ما كان نشر نظام محاسبي أو انشاء موقع على الانترنت فإنه يركز على المسار الخطي للتطورات. فبمجرد نشر النظام يتم نشر الدعم ويتم تطوير الفاعلية الوظيفية له ببطء من خلال رجع صدى المستخدمين. وتحتاج المبادرات الرقمية التى تسير على وتيرتها الخاصة إلى ما يلى
أدني قدر من الحل القابل للتطبيق في مقابل التعريفات ذات الوضع المغلق
يسأل معظم قادة المبادرات الرقمية الناجحة عن “ما هو الحد الأدنى من الحل القابل للتطبيق؟” بدلاً من البحث عن الوضع المغلق. الحقيقة إن توقعات المستخدم لا تقف عند حدود “الآن” فقط ولكنها تتطور بشكل مستمر. فالمستخدمون لا يعلمون ببساطة الكيفية التى تتطور بها بيئة أعمالهم والطرق التى يمكن من خلالها الإبلاغ عن المشكلات التي تواجههم. ومع عدم القدرة على التعرف على العوامل التى تؤدى بالمبادرات الرقمية الى وضع مغلق، يخاطر قادة هذه المبادرات بتحقيق أدنى قدر من النتائج المتطورة وذلك في الوقت الذي يرتفع فيه سقف توقعات المستخدم بمجرد إطلاق المنتج أو الخدمة
قم بالاختبار مع الجمهور المستهدف
لا يعطى قادة المبادرات الرقمية الناجحة فرصة التخمين للمستخدمين، حيث يقومون باختبار حزم التغييرات مع المستخدمين. وغالبا، ما تتم عملية انتاج رجع الصدى (التغذية المرتدة) من خلال ادماجها مع التصميم ليكون لحظياً
تداخل الوظائف ضروري
لتكون مرنا عليك اختيار فريق العمل بشكل مختلف. فبدلا ممن يؤدون المهام التجارية، والتكنولوجيون الذين يطورون وينفذون نظام تكنولوجي بشكل متتابع، فإن قائمة من الفرق الرقمية تشتمل على المصممين، ورجال الأعمال، والمتخصصين في التكنولوجيا، وخبراء تجارب المستهلكين، يعملون معاً منذ وضع فكرة المشروع وحتى اطلاقه. وهذا في المقابل يتطلب تحولا إلى المزيد من الثقافة التعاونية، وبيئة تحول المشروع إلى لعبة
المعول الثاني: لماذا نقوم بذلك؟
وبعد اندثارها، تكشف المبادرات الرقمية التي توقفت عن نقص في وضوح أهدافها الاستراتيجية حيث يتطلب التحول الرقمي الناجح التركيز العميق على عدد محدود من الأهداف. وكشف البحث الذي أجرته مجموعة ايفريست على أكثر من 200 من قادة المبادرات الرقمية أن المشروعات التي نجح تنفيذها يمكنها أن تميز بين وظائف التحول الرقمي من أجل الكفاءة ووظائف التحول الرقمي من أجل النمو، ويمكنها أن تلتزم بهذه الأهداف خلال دورة التحول
وأضاف البحث أن هذه التفرقة ضرورية لوضع الحزم الصحيحة من مؤشرات الاداء الرئيسية للمشروعات وتزويد فرق العمل بالمجموعة المناسبة من الخبراء واختيار أفضل التكنولوجيا الملائمة لتنفيذ مثل هذه المشروعات، حيث تهدف مشروعات التحول الرقمي من أجل الكفاءة إلى خفض التكاليف، وتحسين الانتاجية، وتحسين نوعية المنتجات، وضمان تدفق الخدمات وتحقيق التكامل بين سلاسل التوريد، وتحفيز مشاركة الأطراف المعنية من داخل المؤسسات وشركاء الأعمال
فيما تعمل مشروعات التحول الرقمي من أجل النمو على الابتكار في المنتجات والخدمات، واختراق أسواق جديدة بشكل متوازن من خلال القنوات الرقمية، واختصار الوقت في الوصول إلى الأسواق الجديدة، والاحتفاظ بالعملاء من خلال تعزيز التواصل وتتبع خبراتهم عن المنتجات والخدمات
ويأتي المنحدر الرقمي غالبا كنتيجة للرضوخ لكم كبير من مؤشرات الاداء الرئيسية على الصعيد الهندسي. ويحيط الغموض غالبا بما قد يمكن البدء به كأهداف ثانوية مثل خفض التكلفة ثم بعد ذلك الاضطلاع بالمهام الرئيسية. وفي غياب توفير التسهيلات والدعم على المستوى التنفيذي في بيئة معقدة من الأطراف المعنية، فإن المؤسسات تكون معرضة للمساومة بنقاء استراتيجيتها المرتبط بأجندتها للتحول الرقمي
المعول الثالث: التصميم من الخارج للداخل
وفي المرحلة التي تسبق التحول الرقمي، يتم تعريف العمليات من الداخل للخارج، أو من الناحية التجارية. وفيما تعتمد كل المبادرات الرقمية على الابداع التكنولوجي، تركز الناجحة منها على طريقة بناء العمليات التجارية، وتترك المجال مفتوحاً أمام اعادة التصميم من الناحية الهندسيةً
ومن العوامل الرئيسية لنجاح عملية اعادة التصميم من الناحية الهندسية هو القدرة على توفير رؤية نهائية للعمليات من وجهة نظر المستخدم. وتشير دراسة لمعهد ايفريست إلى أن المشروعات التجارية التي تتكامل استثماراتها الرقمية من خلال الواجهات التفاعلية للمستخدم لتصل إلى محور العمليات من المحتمل أن تحقق نتائج أفضل وتواجه عقبات أقل في سبيل تبنيها على المستوى التنفيذي وحشد التمويل. وللقيام بذلك بنجاح فإن ذلك يتطلب توافر عنصرين رئيسيين وهما
النظرة الكلية والشاملة للعمليات
ليس من المنطقي أن يتم بناء واجهات رقمية تفاعلية للمستخدم فقط. غير أن معظم المشروعات تتطلب استكمال سلسلة من العناصر التي تكفل التدفق الداخلي للعمليات بنجاح بناءاً على وجهة نظر المستخدم وخبرته. فعلى سبيل المثال، عند تصميم واجهة تطبيق رقمي للرهن العقاري يمكن أن تؤدي إلى وقت أطول من المعالجة إذا لم يتم دمجها في التطبيقات الداخلية للبنوك بناءا على موافقتها ومراعاة اجراءاتها ونظام المدفوعات الذي تعمل به
ومن ناحية أخري، فإن خبرة التسوق عبر منصات التجزئة تكون مكتملة من وجهة نظر المستخدم إذا ما تلقى منتجاته. لذلك فإن التحول الرقمي في مجال التسوق والدفع الالكتروني في غياب التكامل مع سلاسل التوريد النهائية قد يؤدي إلى خلق خبرة مستهلك تحقق نتائج أقل من المتوقع
الاشراك العميق للمستخدم النهائي
أفضل نماذج التحول الناجحة تعمل على اشراك المستخدم النهائي فى خبرة عميقة خلال عملية حصوله على المنتج أو الخدمة. ويجب أن يؤخذ في عين الاعتبار ألا يتم الحصول على رجع صدى المستخدم في بداية العملية أو نهايتها ولكن خلالها أيضا
المعول الرابع: استثمر في ادارة التغيير
والحاقا بالمبدأ المتعلق بالمرونة، على الشركات أن تخطط وتستثمر في اليات ادارة التغيير بشكل متواصل. إن التحدي الرئيسي المتعلق بتشجيع تبنى النماذج المُعاد تصميمها هندسيا يتضمن استثمار أكبر للوقت والجهد في تعليم المستخدم. إن المشروعات التي تمتلك التزاما استراتيجيا قويا ويتم تبنيها على المستوى التنفيذي ستنجح مبادراتها الرقمية بشكل أكبر وستتمكن من مواجهة أقل قدر الاختناقات الاستثمارية خلال عملية تنفيذها
وتقود قصص الشركات التي نجحت مشروعاتها للتحول الرقمية وشهدت تطورا مجموعة متشابهة من الرؤي الثقافية بداء من اداراتها العليا وحتى أدنى المستويات وهي
أن التحول الرقمي هو شأن الجميع: تتبنى الشركات التي تقوم بدمج التقنيات الرقمية في عملياتها مبدأ هو “كيف نقوم بهذه العمليات هنا؟” في جميع وظائفها. ولا تقوم بتوظيف فرق عمل متداخلة في كل مبادرات التحول الرقمي بل تضعهم أيضا موضع المحاسبة بناءا على نتائج أعمال معينة
السرعة هي العملة الجديدة: عندما يتم ادارة مبادرات التحول الرقمي على الصعيد التنفيذي، تتسارع العمليات التجارية. وتصبح عملية اتحاذ قرارات الأعمال أقل مركزية بمرور الوقت، حيث يتم تعميق أنماط التعاون داخل المؤسسات، ويتحول التركيز التكنولوجي من معايير ضبط الانفاق إلى الوصول إلى الأسواق بشكل أسرع
التركيز على المستهلك هو الأساس: تميل مشروعات التحول الرقمي الناجحة أن تكون أكثر مراعاة لانعكاسات أفعالها على خبرة المستهلك. ويتم التعامل مع خبرة المستهلك على قدم المساواة مع معايير التكلفة والفعالية المرتبطة بها التي يتم اتخاذ قرارات الأعمال على أساسها بالنسبة لجميع الوظائف
للتطبيق العملى انظر دراسة الحالة التالية “شركة جروبو اسر” للبث الاذاعي