الروس العاديون لا يريدون هذه الحرب

المقال مترجم نقلا عن موقع تايمز أوف ايجيبت

“شن الرئيس الروسي حربا على أوكرانيا، لكن هذه الخطوة ستزعزع نظامه”.


هاجمت روسيا أوكرانيا مساء أمس الأول. وتأكدت أسوأ المخاوف. يظل نطاق الغزو غير مفهوما لكن من الواضح أن القوات الروسية استهدفت مواقع في جميع أنحاء البلاد، وليس فقط في الجنوب الشرقي على الحدود فيما يطلق عليها “جمهورية الشعب”.


استيقظ الأوكرانيون في مدن عديدة على دوي انفجارات. أعلن فلاديمير بوتين الهدف العسكري من العملية صراحة وهو الاستسلام الكامل للجيش الأوكراني.

ولا تزال الأجندة السياسية مبهمة، ولكنها، في الغالب، تتضمن إعلان حكومة موالية لروسيا في كييف.

تفترض القيادة الروسية أن المقاومة ستنكسر بسرعة، وان الغالبية العظمى من الأوكرانيون سينقادون طواعية للنظام الجديد.


هبوط سعر الروبل


تبدو العواقب خطيرة بشكل كبير في روسيا نفسها من الناحية الاجتماعية.


انهارت أسعار الأسهم في البورصة الروسية، وهبط سعر الروبل في الصباح بالفعل قبل إعلان حزمة العقوبات الغربية.


اتسم خطاب بوتين الذي أعلن فيه نشوب الحرب مساء أمس الأول، بلهجة إمبريالية وعدوانية صارخة.
وتبدو هذه الحكومة هي الوحيدة التي تتحدث علانية باعتبارها قوة احتلال منذ بداية القرن الماضي.
لم يعد يمكن للكرملين أن يخفي كراهيته لأوكرانيا على خلفية أمور أخرى مثيرة للشفقة، ومنها اتساع نطاق حلف شمال الأطلسي، ورغبته في تلقين أوكرانيا “درسا قاسيا”.


وتأتي هذه التحركات أبعد مما يمكن فهمه بشكل منطقي على أنه “مصالح”. ويمكن إدراجها ضمن ما يطلق عليه بوتين-على حد فهمه- أنه “مهمة تاريخية”.


سحق المعارضة


سحقت الشرطة والأجهزة الأمنية الروسية المعارضة بشكل كامل منذ اعتقال أليكسي نافالني مطلع العام الماضي.


اتهمت هذه الأجهزة مؤسسة “نافالني” ب”التطرف” وصادرتها، فيما أسفرت التظاهرات عن اعتقال حوالي ١٥٠٠٠ من مناصريه وتعرضت معظم وسائل الإعلام المستقلة إلى الإغلاق أو باتهامات بأنهم “عملاء للغرب” مما حد من حرية عملها بشكل كبير.


وتبدو التظاهرات ضد الحرب احتمالا غير وارد حيث لا تلوح في الأفق قوة سياسية يمكنها التنسيق لمظاهرة والمشاركة فيها في الشارع حتى ولو افترضنا قيام شخص واحد بها، فإنه سيتعرض لقمع شديد وبسرعة.


وتعاني فئة النشطاء وقادة الرأي في روسيا من صدمة وخيبة أمل جراء الأحداث.


ويعد الأمر الوحيد المثير للطمأنينة هو عدم وجود تأييد واضح للحرب في المجتمع الروسي.


يعارض ٤٠٪ من الروس الاعتراف بجمهورية الدونباس أو جمهورية الشعب في اقليم “دونتسيك ولوهانسك” التي تم إعلانها من جانب السلطات الروسية في مقابل ٤٥٪ يؤيدون ذلك، وفقا لاخر استطلاع رأي أجراه مركز ليفادا المستقل، وهو متهم حاليا من جانب السلطات الروسية بأنه “عميل للغرب”.


ولا يمكن استبعاد تظاهرات مؤيدة للحرب كنوع من إظهار الروح الوطنية.


ويظل الكرملين غير قادرا على تأجيج روح الحماس للحرب، وهو ما يبدو مثيرا للدهشة رغم السيطرة الكاملة على المصادر الاعلامية، والسكب المأسوي للدعاية الغوغائية على شاشات التلفاز.


رسالة بسيطة


لا توجد تعبئة اليوم مثل تلك التي أعقبت ضم القرم عام ٢٠١٤. ويتناقض غزو أوكرانيا مع النظرية الشهيرة بأن تصدير الكرملين للعدوان الخارجي موجه لتثبيت دعائم شرعية الحكم الحالي.


ستعمل هذه الحرب على تقويض دعائم النظام وتهدد وجوده إلى حد كبير، وهذا على النقيض من الاعتقاد السائد و إذا ما أخذنا في عين الاعتبار عوامل أخرى.


ويظل خيار إعداد سيناريو مقنع لإعادة انتخاب بوتين على الطاولة، فيما يعرف ب”أزمة ٢٠٢٤”.


وينبغي أن يتوحد البقية في جميع أنحاء العالم حول رسالة بسيطة وهي “لا للغزو الروسي لأوكرانيا”، ولا يوجد مبرر لتحركات روسيا التي ستسبب كثير من المعاناة والموت. ندعو إلى التضامن الدولي مع أوكرانيا في هذه الأيام المأساوية.


*إيليا ماتفيف، باحث ومحاضر مقيم في سانت بطرسبرغ. وهو محرر مؤسس لموقع Openleft.ru وعضو في مجموعة أبحاث مختبر علم الاجتماع العام.*إيليا بودريتسكيس، كاتب سياسي يساري.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.