شارف عام 2020 على نهايته، ورغم ما يكابده العالم من آثار موجتين من جائحة كوفيد19، ترغب كافة قطاعات الأعمال في قياس آدائها في ظل ظروف غير عادية وأحداث غير متوقعة، وقياس آثار استخدامها لتكتيكات الاتصال “أحادي الإتجاه” و “ثنائي الاتجاه”، والخطط الكفيلة بعلاج أثارها السلبية مستقبلاً
واجه المسوقون ومالكو الوسائط خلال العام الحالي تحديًا لتطوير المهارات، ونماذج المشاركة، وقدرات القياس اللازمة لإشراك المستهلكين بشكل هادف في المشهد الإعلامي المزدحم، وحدثت كثير من المفارقات الرقمية
وفي حين أن القنوات الإعلامية الجديدة والمتطورة ساعدت على خلق العديد من الفرص في مجالات الأعمال، فإن طوفان نقاط الاتصال الرقمية جعل من الصعب التواصل مع المستهلكين حيث احتاج المسوقون أيضًا إلى خلق الأليات التي تساعدهم على تجاوز “معضلة البيانات”، وتلبية طلب المستهلكين على المحتوى ذي الصلة والمصمم خصيصاً، دون خرق الثقة والخصوصية. وعندما بدأت ملفات تعريف ارتباط الطرف الثالث في الانهيار، اضطر المعلنون إلى إيجاد حلول قياس بديلة

توافرت كثير من النماذج التي تدعم تحويل مختلف قطاعات الأعمال لتصبح أكثر “ذكاء”، وزاد الانفاق على عمليات التسويق وخلق ما يسمى بمحتوى “أصلي” ليدعم الخطة الاستراتيجية التسويقية الرئيسية، وزادت أنشطة التدريب، وزاد معها آداء سوق الاستشارات التسويقية
التطبيقات التجارية والذكاء الاصطناعي
غيرت التطبيقات التجارية بشكل جذري من هذا الأداء، وأصبح التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي التي تشير توقعات مؤسسة “جارتنر” الاستشارية إلى أنها ستسهم فى نمو الناتج الاجمالي العالمي بنحو 14% بحلول عام 2030، لتنجح هذه التطبيقات في تحقيق هدفين رئيسيين، من بين خمسة أهداف، وهما التعريف بالمنتجات وتسهيل التحويلات المالية
وزاد الاعتماد أيضا على التطبيقات الآلية لمحادثات خدمات العملاء “الشات بوت” بفضل قدرتها على العمل على مدار اليوم بنحو 64%، وانتاج ردود لحظية على استفسارات العملاء بحوالي 55%، وتشير التوقعات إلى أنها ستعمل على توفير 8 مليار دولار بحلول 2020، وكذلك في ارسال رسائل تسويقية عبر البريد الالكتروني
وعلى الرغم من ذلك، برز دور الجانب الشخصي في عمليات التسويق وفي زيادة ولاء المستهلكين للعلامات التجارية حيث يتجه 80% من العملاء إلى الشركات التي توفر لهم خبرات شخصية مثل الخدمات الاضافية والعروض المجانية المصممة لهم خصيصاً، وأسهم تطبيق للألعاب ضمن برنامج لمكافأة العملاء في زيادة أرباح “ستاربكس” إلى 2.56 مليار دولار
تحليل البيانات وتحديد مسارات الأعمال

كما أصبح تحليل البيانات أمر لا غنى عنه في دعم أنشطة التسويق، وزاد معه الاعتماد على ما تقدمه محركات البحث من مؤشرات وخدمات، وكذلك الأدوات الاعلانية للمسوقين والتي يتوقع الخبراء أن تزيد بنحو 1.7% مقارنة بالعام الماضي، وأن هذا الاتجاه التصاعدي سينتج بشكل رئيسي من الاعلان الرقمي والذي جاء 86.2% من عائداته من الولايات لأمريكية نتيجة لزيادة الانفاق الاعلاني على الدعاية السياسية فى الانتخابات الأمريكية لتأتي قطاعات الأعمال في المرتبة الثانية
وما زالت الفجوة تزداد ما بين آداء شركة متخصصة في مجال التجارة الالكترونية مثل شركة “أمازون” التي حافظت على الصدارة منذ بداية العام مقارنة بغيرها من منصات التسويق على مستوى العالم، والشركات الصغيرة والمتوسطة التي ما زالت تجاهد للوصول عبر شبكات التواصل الاجتماعي لعملائها في مجتمعاتها المحلية، حيث لا تتوافر بيانات كافية حول نمط الحياة أو العادات الاستهلاكية، وتتم معظم عمليات التسويق بطريقة ارتجالية في كثير من الأحيان
التسويق عبر الفيديو
بالطبع، فإن هناك زيادة في بث الفيديوهات الترويجية في المجال السياسي و مجالات الأعمال، وسيزيد الاعتماد على هذا الاتجاه في الفترة من 5 إلى 10 سنوات مستقبلاً. وقد يتعلق استخدام هذه الأداة بتسويق مجال الأعمال نفسه، أو بالاستراتيجية الرقمية التي تقدم عبر استشارات الأعمال، أو من خلال الاعتماد على المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي
يعمل استخدام الفيديو على زيادة معدل انتشار الرسائل الترويجية بنحو 50 مرة مقارنة باستخدام المحتوى المكتوب، كما يضع محرك البحث “جوجل” الصفحات التي تنشر فيديوهات في صدارة نتائجها، وكلما زاد الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية يزيد أيضا اقبال المستهلك على الفيديو وخاصة اذا كان يمتلك خصائص لها علاقة بتقنيات العالم الافتراضي
أما بالنسبة للاعتماد على المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستسهم في ايجاد المؤثر المناسب للقيام بمهمة محددة بشكل أسهل للمساعدة في زيادة العائد على الاستثمار، من حيث استخدامها تقنيات التعرف على الصورة عبر شبكات مصممة لذلك، والبرمجة اللغوية، وتطبيقات أخرى لتقليل التفاعلات الزائفة
الإعلام وتسويق المبادرات التنموية

ركزت معظم المبادرات التسويقية في مجالات التنمية المستدامة في معظمها على المبادرات المالية لمواجهة أثار الجائحة وما ترتب عليها من حالات عجز في ميزانيات العديد من البلدان إلى جانب اختلال الميزان التجاري في التعاملات ما بين مختلف بلدان العالم، وذلك إلى جانب توضيح طرق اعادة بناء سلاسل الامداد لضمان توافر الغذاء في الاقتصادات الأكثر فقراً
ركزت معظم هذه المبادرات على التحول باتجاه ما يسمى بـ”الاقتصاد الأخضر” وخفض انبعاثات الكربون وحماية المناخ، وما يتطلبه ذلك من استثمارات لتحقيق هدفين الأول هو تحقيق توازن لدى عملية الانتقال الى هذا النوع من الاقتصاد بشكل لا يخل بآداء قطاعات الاقتصاد الحالية، وكذلك ضمان خلق الوظائف التي تناسب هذا الاقتصاد الجديد
المعادلة صعبة على هذا الصعيد بالنسبة للاعلام لأن تسليط الضوء على هذه القضية قد يبدو أمراً خارجاً عن المألوف في ظل أحاديث عن اعادة اغلاق العديد من بلدان العالم مرة أخرى بسبب كوفيد19، لكن الجانب المضئ في هذا الصدد هو أنه تم اطلاق كثير من المنصات الاعلامية على مدار العامين الماضيين للتعريف جهودها للتعريف بالأهداف التنموية المرتبطة بخطط التنمية المستدامة، واعداد محتوى مصمم خصيصا لمثل هذه المبادرات، والربط بين هذه المبادرات في مراحل مختلفة من اطلاقها وحتى تنفيذها وكذلك عند قياس نتائجها
وأصبح من السهل على ممثلي وسائل الإعلام التواصل مع متخذي القرار بشأن هذه المبادرات، والتعرف على توجهات الدول والقطاعات التي تناسبها عمليات التحول، والشكل الذي يمكن الوصول إليه من خلال ادارة هذه العمليات بشكل محكم وبمعايير دقيقة
وثائقي.. ما هي قدرات الذكاء الاصطناعي
وكان الاتجاه الجديد على هذا الصعيد هو دورالإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في التركيز على “البيانات الكبيرة” من أجل تحليل مبادرات المسئولية الاجتماعية التي تطلقها الشركات عبر منصاتها الرقمية