
ولاحظت من خلال المقابلات ولقاءات العمل التي حضرتها مؤخرا أن الكثيرين من رواد الأعمال، يركزون بشكل كبير على الربحية السريعة، قبل التفكير في تحديات تأسيس المشروع، ومنها طريقة اختيار الأصول وفرق العمل وادارتهما بشكل كفء وفعال
إن تركيز عملائي ينصب في المقام الأول على فكرة الربحية السريعة وهو ما يجعل مهمتي صعبة في كثير من الأحيان، لأنني لا أحب أن ترتبط الصورة الذهنية لاستشارات الأعمال بدور جني “مصباح علاء الدين” الذي يحقق الأمنيات المستحيلة. وتصبح المهمة أصعب اذا ما اقتبس عملائي أفكارهم من أشخاص سبق لهم أن خاضوا نفس التجربة ونجحوا بشكل كبير في تثبيت علاماتهم التجارية في أذهان الجمهور

صدمة.. دلو الماء البارد
يتعرض معظم العملاء من رواد الأعمال والشركات الصغيرة، وكذلك غيرهم من أصحاب الشركات الكبرى إلى صدمات السوق والتي قد تشبه في كثير من الأحيان إلقاء دلو من الماء البارد علي شخص غير مستعد لذلك
يجد رواد الأعمال أنفسهم في بعض الأحيان في مفترق طرق بشأن توجيه ميزانياتهم في المسار الصحيح. وتسيرعمليات الشراء والاستحواذ على الأصول والخامات وغيرها، في مسارات عشوائية. ويتبع ذلك هدر للموارد المالية. وتأتي تلك اللحظة حيث لا ينفع الندم
في حين يركز أصحاب الشركات الكبرى على تقديم عروض وتخفيضات في مواسم معينة، مع توقعات مغرقة في التفاؤل بشأن معدلات ربحيتهم، وعندما تجرى الأمور بشكل مغاير يلجأون إلى وسائل الاعلام للحصول على تغطية اعلامية، وهو ما يعتبر – بالنسبة لي- حيلة دفاعية رخيصة، لأن اغراق وسائل الاعلام بالتغطيات الدعائية المزيفة لن يعالج الخلل الهيكلي في سلسلة الامداد، أو في تكنولوجيا الانتاج، أو في المشاكل المتعلقة بخبرة فرق العمل، وهي مشاكل عانت منها أكبر وأعظم العلامات التجارية على مستوى العالم
تحليلات الأعمال وادارة التوقعات
تعمل تحليلات الأعمال على خلق توقعات منطقية، وادارة مدركات العملاء وتوجيه جهودهم في المسار الصحيح. وعلى الرغم من أهميتها القصوى، فمجرد أن شركتك يوجد بها عالم بيانات ليعطيك بيانات عن السوق والعملاء لن يجعلك تصل إلى وجهتك المنشودة
وتصبح الجولات الميدانية التي تستهدف تحقيق فهم متعمق للسوق والتأكد على الطبيعة من الأنشطة التي تحقق زخما، والأخرى التي تواجه ضغوطا هى الحل الناجع وخاصة في أوقات الأزمات
وبالطبع، يعاني كثير من المسئولين التنفيذيين من جدول أعمال مزدحم. كما أن فرصة اطلاعهم على تقارير الأعمال والجولات الميدانية تكون ضعيفة، وهو ما يزيد من الأعباء على قطاع استشارات الأعمال، ويضع ذلك المسئولين عن تقديمها في موقف حرج لأن هناك كثير من الاجراءات التي قد يلزم اتخاذها للحصول على نتائج سريعة قد تفتح الباب أمام ايجاد حلول جذرية أمام المشكلات التي قد تتراكم مع الوقت ولا ينفع معها تطبيق استراتيجيات طويلة الأمد
الاستشارات الرقمية وسلاسل التوريد
وفي وقت لم تؤتي الاستثمارات التي تقوم بها الشركات في تقنيات سلسلة التوريد الرقمية ثمارها بعد. تبدو الحاجة ملحة إلى التحول الرقمي لسلاسل التوريد، بما في ذلك اعتماد التطبيقات السحابية وغيرها من التقنيات مثل التحليلات المتقدمة في عصر الاضطرابات الشديدة في سلسلة التوريد. وهذه إحدى النتائج التي توصل إليها التقرير الذي صدر مؤخرًا من شركة “بي دبليو سي” العالمية للاستشارات لرصد أحدث الاتجاهات بشأن سسلاسل التوريد خلال العام الحالي
يوضح التقرير أن مشاريع التحول الرقمي لسلسلة التوريد تعوقها قيود الميزانية وارتفاع معدل فقد العمالة، و الاستثمارات اللازمة من أجل تطوير المواهب لتصبح سلاسل التوريد رقمية. وقد دفعت الظروف الاقتصادية في العامين الماضيين إلى إعطاء الأولوية للحفاظ على سير الأعمال بدلاً من التركيز على إضافة تطبيقات رقمية لتحسين سلاسل التوريد
يشير تقرير برايس ووترهاوس كوبرز إلى أن زيادة الكفاءة في عمليات سلسلة التوريد لمدة 12 إلى 18 شهرًا القادمة كانت أولوية قصوى لـ 63٪ من المشاركين، بينما تم الاستشهاد بإدارة التكاليف وخفضها بنسبة 59٪
تتصدر الحوسبة السحابية الطريق ، حيث تخطط كثير من الشركات إلى ضخما لا يقل عن مليون دولار في السحابة ، بينما تشمل الاستثمارات التقنية الأخرى تحليلات الجهات الخارجية، والمسح، الضوئي، والتقاط البيانات الذكية، وتقنيات تحديد الهوية بموجات الراديو، وانترنت الأشياء
لكن 80٪ من المشاركين قالوا إنهم لم يحققوا النتائج المتوقعة بالكامل، بما في ذلك تنويع قاعدة الموردين، وتقييم مخاطر الموردين بشكل أفضل، والاستجابة بشكل أكبر لظروف العمل المتغيرة
بالطبع لكن الأمر لن يكون سهلاً، ومن بداية المشروع عليك أن تكون واضحاً للغاية بشأن ما تفعله التكنولوجيا وأين تحتاج إلى الاستثمار. تحتاج أيضًا إلى التفكير في الوقت، واستثمار الموارد، لأننا في بعض الأحيان نقلل من التكلفة ونبالغ في السرعة. يجب أن تتحول سلاسل التوريد لتكون أكثر مرونة ولتكون مستعدة لمواجهة التحديات الجديدة